إن مفهوم السعادة يرتبط، في التمثل الشائع، بالجانب المادي الحسي، حيث يعتبر الإنسان سعيدا كلما تحققت لديه شروط مادية ترتبط بالمال والصحة، وما إلى ذلك من المنافع المادية ..
أما في التمثل المعجمي العربي، فإن هناك مرادفات كثيرة تشتق من الفعل الثلاثي "سعد"، وتحمل دلالات متعددة لها أبعاد اجتماعية وسياسية وفكرية. لكن غالبا ما يلتبس مرادفان في أذهان الناس هما: السعد والسعادة. وفي الواقع، إنما الأول أحد شروط الثاني. والأجدر بنا أن نقول : إن مفهوم السعادة، في المعجم العربي، يحمل دلالات أوسع من التمثل الشائع، بحيث يشمل – إضافة إلى الجانب المادي الحسي – الجانب المعنوي ؛ وبذلك يقترب من مفاهيم فلسفية، كالخير، والفضيلة، والعقل …إلخ.
ومن المعروف، كذلك، أن دخول الفلسفة اليونانية إلى العالم الإسلامي، عمل على توليد تمثلات خاصة بمفكري الإسلام، وانقسموا حول مفهوم السعادة إلى فلاسفة عقليين ومتصوفة. فكيف كانت تمثلاتهم تلك ؟ هل كان مفكرو الإسلام يعتقدون أن السعادة عقلية أم جسدية ؟ هل ترتبط السعادة عندهم بالفرد أم بالمجتمع ؟ تلك هي بعض التساؤلات التي سيحاول هذا الدرس الإجابة عنها.