يدل مفهوم النظرية في التمثل الشائع على الرأي الشخصي، أو التمثلات والأحكام الفردية التي قد يتبناها شخص معين حول قضية ما أو مسألة ما. لذا يشترط أن تكون النظرية مرتبطة بالممارسة والعمل. ومن هذا نستنتج أن مفهوم النظرية في الدلالة الشائعة يحمل بعدا برجمائيا.
وفي اللغة العربية، فإن لفظ النظرية مشتق من النظر، الذي يحمل في دلالاته معنى التأمل العقلي. وكلمة Théoria اليونانية تحمل معاني التأمل والملاحظة العقلية. وفي الفرنسية فإن كلمة Théorie تفيد أن النظرية هي بناء (أو نسق) متدرج من الأفكار، يتم فيه الانتقال من المقدمات إلى النتائج.
وتكاد الدلالات اللغوية تقترب - إلى حد كبير – من المدلول الفلسفي للنظرية. فهذا ابن رشد يربط النظر بمفهوم الاعتبار. ولما كان الاعتبار – في نظر ابن رشد – هو القياس، فإن النظر العقلي هو أفضل أنواع البرهان لأنه يتم بأفضل أنواع القياس. أما لالاند Lalande فيعطي للنظرية بعدا فلسفيا يقترب كثيرا من الدلالة المعجمية بالفرنسية. ونستخلص من ذلك أن النظرية تتعارض مع الممارسة، وتتقابل مع المعرفة العامية لأن هذه الأخيرة معرفة إمبريقية (نابعة من التجربة اليومية). وتتعارض أيضا مع المعرفة اليقينية، لأن النظرية بناء فرضي استنتاجي. وتتعارض أخيرا مع المعرفة الجزئية، لأن النظرية بناء شمولي.
من خلال هذه التقابلات، يمكن أن نتمثل الإشكالية الفلسفية التي يحاول هذا الدرس مقاربتها والتي سنعمل على التعبير عنها من خلال التساؤلات التالية :
ما هي نوعية العلاقة بين النظرية والممارسة؟
ما هي وظائف النظرية؟
من أين تستمد النظرية مبادئها؟ هل تستمدها من الواقع أم أن النظرية إنشاءات حرة؟