إذا انطلقنا من الفعل الإنساني، فقد رأينا أن المتكلمة يتفرقون إلى من يعتبر السبب المحرك هو الإنسان، ومن يؤكد أن السبب المحرك هو الله. أما إشكالية الفعل باعتباره "خلق العالم" ؛ فإنها تضعنا أمام ثلاثة تصورات : تصور المتكلمين الذي يؤكدون فيه أن الله هو السبب المحرك باعتباره الفاعل التام للعالم من حيث هو أساس الوجود من خلال أمره الأزلي "كن" فكان العالم .
أما الأطروحة الرشدية (نسبة إلى ابن رشد)، فتذهب إلى أن الله فاعل للعالم من حيث صورته. وأما التصور الأخير فيتمثل في الفلسفة الفيضية، التي تؤكد أن الله هو المحرك الأول للعالم إلا أنه أول من حيث العلاقة السببية فقط وليس أولا من حيث الزمان. وهو كذلك المحرك الذي لا يتحرك. فالقدماء (المتكلمون والفلاسفة) يعتبرون الحركة فعل يكون نتيجة لسبب حارجي (فكل متحرك سبب حركته فاعل خارج عن ذاته). هكذا يتبين أن الاختلاف حاصل بين المتكلمة والفلاسفة، حيث يلاحظ بوضوح أن موقف المتكلمة مباين لموقف الفلاسفة في نظرية الخلق وفي طبيعة الفاعل، ذلك لأن مواقف المتكلمة مواقف عقائدية، حيث تحدوهم الرغبة في الدفاع عن العقيدة الإسلامية وإضفاء صفة الوحدانية المطلقة عن الذات الإلهية.
أما الفلاسفة فهم مفكرون يحتكمون إلى عقلية محايدة وتحدوهم الرغبة في الوصول إلىالحقيقة دون التقيد بالشريعة، اعتقادا منهم أن الشريعة لا تتناقض مع الفلسفة. فابن رشد ـ مثلا ـ يرى أن الشرع أمر الفلاسفة بالبحث عن الحقيقة، وذلك هو ما يفهم من قوله تعالى : "واعتبروا يا أولي الأبصار". ومن هذا المنطلق، يعتقد الفلاسفة بأن نتائجهم يقينية لأن منطلقاتهم ومقدماتهم يقينية. أما نتائج المتكلمة، فهي في نظر الفلاسفة، ظنية لأن منطلقاتهم ظنية. هكذا يرى الفلاسفة أن إشكالية الفاعل إشكالية فلسفية نظرية وليست إشكالية كلامية، لأن الفيلسوف وحده هو المؤهل للخوض في الأمور الميتافزيقية.
أما الفلاسفة فهم مفكرون يحتكمون إلى عقلية محايدة وتحدوهم الرغبة في الوصول إلىالحقيقة دون التقيد بالشريعة، اعتقادا منهم أن الشريعة لا تتناقض مع العقل. فابن رشد ـ مثلا ـ يرى أن الشرع أمر الفلاسفة بالبحث عن الحقيقة، وذلك هو ما يفهم من قوله تعالى : "واعتبروا يا أولي الأبصار". ومن هذا المنطلق، يعتقد الفلاسفة بأن نتائجهم يقينية لأن منطلقاتهم ومقدماتهم يقينية. أما نتائج المتكلمة، فهي في نظر الفلاسفة، ظنية لأن منطلقاتهم ظنية. هكذا يرى الفلاسفة أن إشكالية الفاعل إشكالية فلسفية نظرية وليست إشكالية كلامية، لأن الفيلسوف وحده هو المؤهل للخوض في الأمور الميتافزيقية