مكتبة شاملة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مكتبة شاملة

هناك موضيع مختلفة وشاملة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 4 ـ نموذجان للعلاقة بالغير: الصداقة والغرابة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
fouad
عضو نشيط
عضو نشيط



عدد الرسائل : 118
تاريخ التسجيل : 23/05/2007

4 ـ نموذجان للعلاقة بالغير: الصداقة والغرابة Empty
مُساهمةموضوع: 4 ـ نموذجان للعلاقة بالغير: الصداقة والغرابة   4 ـ نموذجان للعلاقة بالغير: الصداقة والغرابة Icon_minitimeالخميس مايو 31, 2007 8:13 am

(ا) الغير كصديق
يمكن اعتبار الصداقة من العلاقات الإيجابية التي تربطنا بالغير، حيث يمكن أن تسمو بالأفراد إلى علاقات من الود تصل إلى التآخي والتضحية والإيثار... فما هو الدافع إلى الصداقة ؟ هل هو دافع المنفعة ؟ أم دافع الفضيلة ؟

يرى أفلاطون أن الصداقة علاقة من المحبة والمودة، لا يمكنها أن توجد بين الشبيه وشبيهه، ولا بين الضد وضده. فالطيب لا يكون صديقا للطيب، ولا يكون الخبيث صديقا للطيب. فلكي تكون هناك صداقة بين الأنا والغير، لابد أن تكون الذات في حالة من النقص النسبي الذي يجعلها تسعى إلى تحقيق الكمال مع من هو أفضل. ولو هيمن الشر على الذات فإنها ستكون في حالة نقص مطلق لا تستطيع معه أن تسمو إلى الخير. ولو كانت الذات في حالة خير مطلق لعاشت نوعا من الاكتفاء الذاتي. فالدافع إلى الصداقة هو الرغبة في تحقيق سمو الذات وكمالها من خلال الغير.

أما أرسطو فهو أكثر واقعية من أفلاطون، حيث يرى أن الدوافع إلى الصداقة ثلاثة هي : المنفعة، والمتعة، والفضيلة. لكن الصداقة الحقيقية هي صداقة الفضيلة لما تتسم به من نبل أخلاقي، وخصوصا لأنها تحقق التلاحم الاجتماعي بين أفراد المجتمع، باعتبار الإنسان "حيوانا مدنيا" ؛ لذا يقول أرسطو : "إن المواطنين لو تعلق بعضهم ببعض برباط الصداقة لما احتاجوا إلى العدالة". إن صداقة الفضيلة هي ذلك الوسط الذهبي الذي لا يمنع تحقق المنفعة والمتعة، في حين أن الصداقة القائمة على المنفعة أو على المتعة صداقة زائلة بزوال نوعية الرغبة في الغير...

إن قيام هذا النوع من الصداقة التي يدعو إليها أرسطو، قد يكون سهل التحقق في مجتمعات صغيرة، ويصعب تحققه في المجتمعات المعاصرة حيث تكثر الكثافة السكانية، ويسود فيها الشعور بالغرابة. فمن هو الغريب ؟

(ب) الغير كغريب
تحدد كريستيفا الغريب في مفهومين أساسين ؛ أحدهما ذلك الذي يفيد الافتقار إلى حق المواطنة. وهذه دلالة حقوقية تحاول بها الجماعة أن تمنع انحشار الغير الغريب في شؤونها الداخلية. وهذا في اعتقادها تعريف سطحي للغريب، لأنه هو تلك القوة الخفية التي تسكننا جميعا والتي تعبر عن التناقضات والاختلافات الداخلية التي غالبا ما يتم السكوت عنها، لأن هذا الغريب " يجعل ال"نحن" إشكاليا وربما مستحيلا ". إن الغريب إذن يوجد فينا، " إن الغريب يسكننا على نحو غريب ".

ومن هذا المنطلق تكون الغرابة شعورا قد يدفع الأنا (الفردية والجماعية) إلى إقصاء الغير أو تدميره أو الشعور بالعدوانية تجاهه أو على الأقل مقابلته باللامبالاة والتهميش... إن الدوافع نحو الغريب هي في الغالب دوافع سلبية... إنها تلك المواجهة الدائمة التي تؤدي إلى إذابة الاختلاف لصالح الذات، وقد كان آخر ما التجأت إليه المجتمعات الغربية في إقصاء الغير هو الاستعمار والاستيعاب الثقافي. هكذا أصبحت "عملة الغيرية" عملة مفقودة. وهذا فيما يرى كل من جيوم Guillaume وبودريار Boudrillard وضع لابد من القضاء عليه. حيث لابد أن يعيش كل "كائن مبدأ نقص وعدم كفاية"، لأن الشعور بالنقص يولد بالضرورة "الغيرية الجذرية". فالاحتفاظ بهوية الغير ينعش وعي الذات لنفسها. وهذا يستدعي ـ حسب ليفي ستروس ـ احتفاظ الكل بهويته الثقافية، ويجب القضاء على أسطورة التفوق القومي القائمة على اعتبارات إتنية كالتي نلمسها في بعض الطروحات الإستشراقية (عند إرنست رينان مثلا) أو الأنتروبولوجية (عند ليفي برول L. Bruhl مثلا).

فالتراكم الثقافي ليس ملكا خاصا لبعض الإتنيات ولا لبعض الثقافات، فليس هناك ثقافة معزولة. ومن ثمة لابد أن تنشأ بين الأنا والغير علاقة من الاحترام المتبادل وبالتالي الاعتراف للغير بخصوصيته الثقافية ونوعيتها وتميزها. أي لابد من الاعتراف بشرعية الاختلاف حتى في الحالة التي لا ندرك فيها طبيعة ذلك الاختلاف.

كتخريج عام نقول : إن الغير مفهوم فلسفي مجرد وإشكالية فلسفية حديثة، حاول التفكير الفلسفي في إطارها أن يتعامل مع مفهوم الغير كوجود عقلي يتم بناؤه من خلال فردية الأنا أو الدخول معه في صراع من أجل الوعي بالذات ؛ بل الدخول معه في علاقة إبستيمية تتنوع بين تشييئه واعتباره موضوعا، أو باعتباره ذاتا، أو كلية، أو بنية... إن تحديد طبيعة العلاقة مع الغير تدعو إلى الانفتاح على علاقات أخرى، أهمها : علاقتا الصداقة والغرابة.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
4 ـ نموذجان للعلاقة بالغير: الصداقة والغرابة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مكتبة شاملة :: منتدى سعيد :: علوم :: فلسفة-
انتقل الى: